التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
توصف معركة حقل الخبز بأنها واحدة من أكبر المعارك التي حدثت بين المجر والدولة العثمانية في القرن الخامس عشر ومن أكثرها دموية.
هزيمة حقل الخبز: (1479م)
نتيجة بعض التحرُّشات بين الدولة العثمانية والمجر اخترق جيشٌ عثمانيٌّ يبلغ عدده ثلاثةً وأربعين ألف مقاتلٍ[1] إقليمَ ترانسلڤانيا الروماني، والتابع للمجر، حتى وصل إلى قريةٍ صغيرةٍ اسمها شيبوت Șibot[2]، وعسكر في وادٍ فسيحٍ اسمه كينيرميزو Kenyermezö، وهي كلمةٌ تعني بالمجريَّة «حقل الخبز»، ولهذا تُعرَف المعركة التي دارت عند هذا الوادي بمعركة حقل الخبز Battle of Breadfield.
في صباح يوم 13 أكتوبر 1479م ظهر جيش استيفين باثوري Stephen Báthory أمير ترانسلڤانيا أمام المعسكر العثماني[3]، وتباطأ الجيش العثماني في التعامل مع الموقف، ويُرْجِع بابينجر هذا البطء لكون الجيش العثماني محمَّلًا بالغنائم الكثيرة فلم يُرِد الحركة حفاظًا على معسكره المثقل بالثروات، كما يُرْجِع ذلك -أيضًا- إلى كثرة القيادات في الجيش ممَّا أحدث بينهم الاختلاف، وهذه الأسباب التي ذكرها بابينجر منطقيَّة، وهي تُفسِّر حالة التردُّد التي كان عليها العثمانيُّون في هذه المعركة.
في نهاية الأمر دارت معركةٌ شديدةٌ كان النصر حليفًا للجيش العثماني في أولها، غير أن وصول مددٍ مجريٍّ تحت قيادة قائدهم الشهير بول كينيزي Paul Kinizsi غيَّر من المعادلة.
فوجئ الجيش العثماني، وكانت مناورته ضعيفةً للغاية، وسيطر المجريُّون على الموقف، وقُتِل عددٌ كبيرٌ للغاية من العثمانيِّين، قدَّره بابينجر بثلاثين ألف جندي[4]، وهو رقمٌ كبيرٌ للغاية، ويُمكن أن يكون صحيحًا لأنَّ محاولات العثمانيِّين لاختراق ترانسلڤانيا توقَّفت بعد هذه المعركة لقرابة خمسين سنةً كاملةً!
تصف موسوعة أكسفورد المعركة بأنَّها واحدةٌ من أكبر المعارك التي حدثت بين المجر والدولة العثمانيَّة في القرن الخامس عشر، ومن أكثرها دمويَّة[5]، ويُعلِّق عليها المؤرِّخ الأميركي كينيث سيتون بقوله: «حقَّقت المجر واحدةً من أكبر الانتصارات اللافتة للنظر في تاريخ حروبها مع الأتراك»[6]. ومع ضراوة الهزيمة إلا أنها لم تُثْنِ الفاتح عن تخطيطه لغزو إيطاليا![7].
[1] Babinger, Franz: Mehmed the Conqueror and His Time, Princeton University Press, 1978., p. 374.
[2] Rogers, Clifford J. (Editor): The Oxford Encyclopedia of Medieval Warfare and Military Technology, Oxford University Press, New York, USA, 2010., vol. 1, p. 320.
[3] Rogers, 2010, vol. 1, p. 320.
[4] Babinger, 1978, pp. 375-376.
[5] Rogers, 2010, vol. 1, p. 320.
[6] Setton, 1978, vol. 2, p. 330.
[7] دكتور راغب السرجاني: قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط، مكتبة الصفا للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1442ه= 2021م، 1/ 309- 310.
لشراء كتاب قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط يرجى الاتصال على الرقم التالي: 01116500111
التعليقات
إرسال تعليقك